كاسبرسكي تكشف عن أسرار أخطر عصابة إلكترونية سرقت 81 مليون دولار من مصرف بنغلاديش
04 أبريل 2017
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]تعد عصابة "لازاروس" من أخطر العصابات الإلكترونية.
نشرت شركة كاسبرسكي لاب نتائج تحقيقاتها التي استمرت لأكثر من عام بشأن نشاط “لازاروس” Lazarus – وهي عصابة إلكترونية خطيرة يُزعم أنها المسؤولة عن سرقة 81 مليون دولار من مصرف بنغلاديش المركزي في عام 2016.
وأثناء تحليل المختبر الجنائي لبعض الدلائل التي خلفتها العصابة الإلكترونية في مصارف تقع في جنوب شرق آسيا وأوروبا، تمكنت كاسبرسكي لاب من تكوين فهم عميق للأدوات الخبيثة التي تستخدمها العصابة وطريقة تشغيلها أثناء مهاجمة المؤسسات المالية والكازينوهات ومطوري البرامج لشركات الاستثمار والمؤسسات التي تستخدم العملات المشفرة في جميع أنحاء العالم. وقد ساعدت المعلومات المجمّعة في التصدي لعصابتين أخرتين على الأقل كان هدفهما سرقة مبالغ ضخمة من المؤسسات المالية.
وفي شهر شباط/فبراير من عام 2016، حاولت عصابة من القراصنة (مجهولي الهوية في ذلك الوقت) سرقة 851 مليون دولار أمريكي، وتمكنت من تحويل 81 مليون دولار أمريكي من مصرف بنغلاديش المركزي. واعتبرت هذه إحدى أكبر عمليات السطو الإلكتروني الأكثر نجاحًا على الإطلاق.
وكشفت تحقيقات أخرى أجراها باحثون من مختلف شركات أمن تكنولوجيا المعلومات بما فيها كاسبرسكي لاب أن هناك احتمالًا كبيرًا بأن تكون الهجمات قد شنت عن طريق “لازاروس”- وهي عصابة سيئة السمعة تشن هجمات تجسس وتخريب إلكترونية والمسؤولة عن سلسلة من الهجمات العادية والمدمرة، وتشتهر بأسلوبها الإجرامي في مهاجمة شركات التصنيع ووسائل الإعلام والمؤسسات المالية في 18 دولة على الأقل حول العالم منذ عام 2009.
وعلى الرغم من أن عصابة “لازاروس” الإلكترونية قد بقيت خاملة لعدة أشهر في أعقاب هجوم بنغلاديش، إلا أنها لاتزال نشطة. بل كانت العصابة تحضر لعملية جديدة تستهدف السطو على الأموال من بنوك أخرى، وفي الوقت الذي استكملت تحضيراتها لشن الهجوم، كانت العصابة قد تمكنت مسبقًا من دسّ برمجيتها الخبيثة في شبكات إحدى المؤسسات المالية في جنوب شرق آسيا.
وبعد أن اكتُشفت ومُنعت من قبل منتجات كاسبرسكي لاب واستنادًا إلى نتائج التحقيقات، عادت العصابة إلى تعليق هجماتها لبضعة أشهر أخرى، ثم قررت فيما بعد تغيير سيناريو الهجوم بالانتقال إلى أوروبا. إلا أن جهودها باءت بالفشل حيت اكتشفت ومنعت مجددًا هنا عن طريق برنامج كاسبرسكي لاب الأمني ومنصة الاستجابة السريعة لحالات الاختراق والتحليلات الجنائية والهندسة العكسية لباحثي كاسبرسكي لاب.
صيغة “لازاروس”
واستنادًا إلى نتائج تحليل المختبر الجنائي لهذه الهجمات، تمكن باحثو كاسبرسكي لاب من فك لغز طريقة عمل هذه العصابة.
- عملية الاختراق الأولي: يتم العمل على اختراق نظام فردي داخل أحد المصارف إما باستخدام شيفرة ضعيفة يمكن الوصول إليها عن بعد (أي على خادم الويب) أو من خلال هجوم Watering Hole عن طريق استغلال ثغرة أمنية غير مكتشفة مندسّة في إحدى المواقع الإلكترونية النظامية. وما أن تتم زيارة ذلك الموقع الإلكتروني المصاب، سرعان ما تصاب الضحية (موظف المصرف) بالبرمجية الخبيثة التي تجلب معها المزيد من المكونات الإضافية.
- الانتهاء من تلغيم جهاز الضحية بالبرمجية الخبيثة: تقوم العصابة بعد ذلك بالانتقال إلى بيئات مضيفة لبنوك أخرى وتنشر برنامج التسلل المستمر من الباب الخلفي Backdoor، كما تتيح لها هذه البرمجية الخبيثة الدخول والخروج وقتما تشاء.
- الاستطلاع الداخلي: بعد ذلك تقضي العصابة أيامًا وأسابيع لتعلم آلية عمل الشبكة وتحديد الموارد القيمة. وقد يكون أحد هذه الموارد خادم النسخ الاحتياطي، حيث يتم فيه تخزين معلومات المصادقة، أو خادم البريد، أو وحدة التحكم بكامل النطاق Domain المزودة بمفاتيح لكل “منفذ متاح” في الشركة، بالإضافة إلى الخوادم التي تخزن أو تعالج سجلات المعاملات المالية.
- نشر البرمجية الخبيثة وسرقة الأموال: وأخيرا، تقوم العصابة بنشر البرمجية الخبيثة القادرة على تخطي وسائل الكشف والمنع المثبتة في نظام الأمن الداخلي للبرامج المالية وإصدار معاملات عشوائية نيابة عن المصرف.
نطاق التوزع الجغرافي والإسناد
استمرت الهجمات التي حقق فيها باحثو كاسبرسكي لاب لأسابيع. ومع ذلك، استطاع المهاجمون العمل بعيدًا عن أعين الرادار لعدة أشهر. فعلى سبيل المثال، اكتشف الخبراء أثناء تحليل إحدى الحالات الأمنية في جنوب شرق آسيا أن القراصنة تمكنوا من اختراق شبكة المصرف منذ ما لا يقل عن سبعة أشهر قبل اليوم الذي طلب فيه فريق الأمن التابع للمصرف طلب العون من فريق الاستجابة للحالات الأمنية الطارئة. وفي الواقع، كانت لدى العصابة القدرة على الدخول إلى شبكة ذلك المصرف حتى قبل اليوم الذي وقعت فيه حادثة بنغلاديش.
وفقًا لسجلات كاسبرسكي لاب، بدأ ظهور عينات البرمجية الخبيثة المتعلقة بنشاط عصابة “لازاروس” في المؤسسات المالية والكازينوهات ومطوري البرمجيات لشركات الاستثمار والمؤسسات التي تستخدم العملات المشفرة في كوريا وبنغلاديش والهند وفيتنام واندونيسيا وكوستاريكا وماليزيا وبولندا والعراق وإثيوبيا وكينيا ونيجيريا وأوروغواي وغابون وتايلند وعدة دول أخرى منذ كانون الأول/ديسمبر 2015. كما جرى الكشف عن العينات الأحدث المعروفة لكاسبرسكي لاب في آذار/مارس 2017، مما يشير إلى أن المهاجمين ليس لديهم نية لوقف أنشطتهم.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]وعلى الرغم من أن المهاجمين كانوا حذرين بما فيه الكفاية لإزالة أي أثر يدل على وجودهم، كان هناك خادم واحد على الأقل قامت العصابة باختراقه لاستخدامه في هجوم آخر. وقد احتوى هذا الخادم على خطأ فادح ودليل آخر مهم خلفته العصابة وراءها. وأثناء التحضير للعملية، تم تعريف الخادم كمركز للسيطرة والتحكم في البرمجية الخبيثة. وكان مصدر الاتصال الذي تم إجراؤه في يوم تعريف الخادم يعود إلى عدد من خوادم الشبكات الافتراضية الخاصة، مما يشير إلى وجود فترة اختبار لخادم السيطرة والتحكم. ومع ذلك، كان هناك اتصال واحد قصير في ذلك يعود مصدره إلى مجموعة عناوين بروتوكول الإنترنت IP نادرة جدًا في كوريا الشمالية.ووفقا للباحثين، فقد يعني هذا الأمر عدة أمور، منها: أن المهاجمين متصلون من عنوان بروتوكول الإنترنت عينه في كوريا الشمالية، وأنهم قد قد قاموا بالتظاهر بالخاطئ لتضليل أعمالهم، وبأنه قد زار شخص ما الرابط في كوريا الشمالية عن طريق الخطأ.
وتستثمر عصابة “لازاروس” الإلكترونية بدرجة كبير في أنماط جديدة متنوعة لبرمجياتها الخبيثة. وكانت العصابة تحاول منذ أشهر أن تتوصل إلى ابتكار جملة أدوات خبيثة غير مرئية ويتعذر اكتشافها من قبل منصات الحماية الأمنية، إلا أنه في موازاة قيامهم بذلك، يتمكن خبراء كاسبرسكي لاب من تحديد الخصائص الجديدة التي تمكنهم من معرفة كيفية برمجة رموز الشيفرة التي تضعها العصابة الإلكترونية، مما يتيح لكاسبرسكي لاب مواصلة تتبع كافة الأنماط الهجومية الخبيثة المستجدة. واليوم، يبدي المهاجمون هدوءًا نسبيًا، وهو ما يعني على الأرجح، أنهم يستعدون لإعادة هيكلة ترسانتهم الهجومية.
وقال فيتالي كاملوك، رئيس فريق الأبحاث والتحليلات العالمي لدول آسيا المحيط الهادئ في كاسبرسكي لاب: “نحن على ثقة بأن هذه العصابة ستعود مجددًا وفي القريب العاجل. وعمومًا، تظهر الهجمات، مثل تلك التي شنتها عصابة لازاروس الإلكترونية بأن أي خطأ بسيط في عملية التعريف قد يؤدي إلى حدوث اختراق أمني كبير يكبد الشركة المستهدفة خسائر مالية بمئات الملايين من الدولارات. نأمل في أن يصبح المدراء التنفيذيون في البنوك والكازينوهات وشركات الاستثمار حول العالم على دراية وحذر من اسم عصابة لازاروس”.
وتكتشف منتجات كاسبرسكي لاب وتتبع بنجاح البرمجيات الخبيثة المستخدمة من قبل عصابة “لازاروس” الإلكترونية من خلال أسماء الصيغ المكتشفة التالية: HEUR:Trojan-Banker.Win32.Alreay ، و Trojan-Banker.Win32.Agent.
كما ستصدر الشركة قريبًا أيضًا مؤشرات الاختراق IOC المهمة وبيانات أخرى حيوية بهدف مساعدة الشركات في العثور على أدلة حول هجمات هذه العصابة في شبكاتها.
وتوصي كاسبرسكي لاب جميع الشركات بإجراء مسح دقيق لشبكاتها للتأكد من خلوها من برمجية “لازاروس” الخبيثة، وفي حال الكشف عنها، يجب العمل على إزالة الإصابة من أنظمتها والإبلاغ عن الإصابة إلى هيئة انفاذ القانون وفرق الاستجابة السريعة في حالات الطورائ.